يعاني الكثير من الأمهات من مشكلة تعلق أطفالهن الزائد بهن، الذين يشعرون بالفزع والخوف بمجرد ابتعادهن عنهم، ما يعطلهن ويحول دون إنجاز مصالحهن ومهامهن المختلفة. ولكن لا بد من طرح سؤال مهم، وهو متى يكون هذا التعلق طبيعيًّا؟ ومتى يصبح مشكلة تستوجب تدخلًا سريعًا دون التأثير في نفسية الطفل؟ في هذا المقال ستجدين الإجابة، بالإضافة إلى عدة نصائح للتخلص من تعلق الطفل بالأم.
تعلق الطفل بالأم
انفصال الأم عن صغيرها سواء عند البدء في وضعه بغرفة منفصلة والنوم بمفرده، وصولًا لمرحلة الحضانة، مشكلة يعاني منها النساء جميعًا. وعلى الأم في هذه المرحلة تحديد حجم المشكلة جيدًا، ومعرفة إذا كان هذا الارتباط طبيعيًّا ويأخذ وقته ويمر، أم أنه دائم، ويأخذ شكلًا مرضيًّا. وعن أسباب هذا التعلق، وطرق التعامل معه نتحدث تفصيلًا في السطور التالية.
هل تعلق الطفل الزائد بالأم أمر طبيعي؟
يقول خبراء الطب النفسي إن تعلق الطفل بأمه أمر طبيعي يولد به ويستخدمه للشعور بالأمان، فالطفل كائن ضعيف يبحث عن الرعاية والاهتمام في كل لحظة منذ ولادته، وفي هذه الأثناء تكون علاقته بأمه هي الأساس الذي يدور حوله الكون.
وتبدأ العلاقة بين الطفل وأمه منذ اللحظات الأولى من الولادة، بمحاولته تقريب والدته منه بالبكاء إذا فكرت في الابتعاد عنه، وبعد عدة أشهر يبدأ بالابتسام ومتابعة حركتها بعينيه، ومع الأيام يزداد التواصل والتعلق بينهما، وهو ما يقابله في الوقت نفسه زيادة خوف الطفل من الانفصال عن أمه، التي تعد رمز حمايته ومحور حياته.
ولكن التصاق الطفل بأمه بشكل خانق، ما يعيقها عن القيام بمسؤولياتها، ويؤدي إلى انعزاله وعدم اختلاطه بالعالم الخارجي، هذا هو التعلق المرضي الذي بحاجة إلى التدخل لمعالجته.
أسباب تعلق الطفل الزائد بالأم
أسباب تعلق الطفل بالأم كثيرة، وأغلبها نفسي في المقام الأول، ومنها:
-الابتعاد المفاجئ عن الطفل بسبب عمل أو سفر أو ظرف ما في عمر صغير، ما يسبب له صدمة، تجعله معلقًا بك بعدها للغاية.
-الإسراف في الخوف على الطفل، وإظهار القلق عليه بشكل مبالغ فيه.
-التدليل الزائد للطفل، وتنفيذ جميع رغباته وطلباته.
-التلاعب بمشاعر الطفل، كالتهديد بتركه أو الابتعاد عنه.
-انعدام دور الأب أو عدم تواصله مع الطفل بشكل كافٍ، ما يجعله دائم اللجوء إلى أمه.
-انعزال الأسرة اجتماعيًّا، وهو ما يقلل من فرص اختلاط الطفل بالعالم الخارجي، ويجعله يميل إلى الانطوائية.
-تعامل الأب أحيانًا بعصبية مع الطفل، يزيد أيضًا من التصاقه بأمه، وخوفه من الابتعاد عنها.
علاج مشكلة تعلق الطفل بالأم
إذا كان طفلك في مرحلة الرضاعة، فتعلقه بكِ شعور طبيعي، ويبلغ التعلق ذروته عند بلوغ الطفل المرحلة العمرية الواقعة بين 9-18 شهرًا، ويبدأ الأمر في التحسن تدريجيًّا من عمر 24 شهرًا. وحتى تتخلصي من مشكلة التصاق طفلك بكِ، اتبعي النصائح التالية:
1- تعاملي معه ببعض الحزم، أن لاحظت أن سبب تعلقه بكِ تدليله الزائد عن اللزوم، فلا تضعفي وتلبي له أي مطالب، بسبب بكائه أو ادعائه المرض، كوني حنونة وحازمة في الوقت نفسه.
2- احتوي طفلك، وعبري له عن حبك له، وشاركيه اهتماماته، وعززي ثقته بنفسه.
3- لا تبتعدي عن طفلك فجأة دون أن تخبريه بالسبب، فالغياب المفاجئ يكسر الطفل حينها، ويزيد من تعلقه بكِ بعد ذلك.
4- ابتعدي عنه قليلًا خلال النزهات بتركه مع أبيه أو إخوته أو أشقائك أو أقربائك، ليتعود على الانفصال عنكِ تدريجيًّا.
5- اشغلي وقته بنشاط مفضل له، حتى تشتتي انتباهه، ولا يحتاج لأن تكوني دومًا بجانبه.
6- أشركيه في اللعب مع أطفال في مثل سنه، كأبناء الأقارب، أو حتى أصدقاء الحضانة أو النادي.
7- أشعريه دائمًا بالأمان، وتعاملي معه دون عصبية أو قسوة، فتربية الطفل على الخوف يزيد من المشكلة.
8- تحدثي معه إن كان في عمر يسمح بالحوار، لتعرفي سبب خوفه وقلقه من الابتعاد عنكِ.
9- نظمي وقتكِ بحيث تقضين معه وقتًا يوميًّا وآخر أسبوعيًّا، والأمر نفسه مع أبيه، حتى يشعر بحرصكما على التواصل معه، وتذكري أن الاحتواء مهم لعلاج هذه المشكلة.
10- لا تُظهري قلقك عليه بشكل مبالغ فيه، فكلما ساعدتِه على الاستقلالية، واكتشاف العالم من حوله، تعززت ثقته بنفسه، واستطاع التغلب على مخاوفه.
وأخيرًا، لا تقلقي عزيزتي فتعلق الطفل بالأم بشكل مبالغ فيه مشكلة لها حل، ويمكن التغلب عليها بالتحلي ببعض الصبر والحكمة والاحتواء، واتباع قواعد التربية السليمة.